صندوق تنمية الموارد البشرية - هدف

على كل طرف متعاقد اتخاذ التدابير اللازمة لوقف جميع الأفعال التي تتعارض مع أحكام هذه الاتفاقية بخلاف المخالفات الجسيمة المبينة في المادة التالية. وظهرت علامات مختلفة على جميع الحضور عدا كبير الوزراء، الرجل العجوز القصير المشهور بطبيعته الصلبة العنيدة الذي بقي جالساً وبدا أنه كان يضحك خفيةً على النحس الذي أصاب زملاءه. خلعت العباءة التي استعرتها ولبست ملابسي وظهرت أمامه وعلى وجهي علامات توحي بأن الخس والخيار أحدثا في قلبي الاضطراب المطلوب. لا يا حاجي، هذا لن يصلح: مدرب شخصي لا يجوز أن نسمح له بأن يضحك على لحانا بهذا الشكل! وبعد أن عادت تعابير الوجوه إلى طبيعتها المعتادة دار الحديث عن شؤون أوروبا، وقد طرح جلالته أسئلة عديدة في هذا الموضوع وأجاب عنها مختلف الموجودين على أفضل وجه ممكن. وبذلك صار غريم الطبيب العجوز الماكر تحت رحمته، فصاغ تقريره إلى الشاه بشكل ثنى جلالته عن تجربة وصفة الطبيب الأجنبي، فكان نصيبها الأهمال والنسيان. لقد طلبني جلالته ليحكي لي نتائج الاجتماع، وشعرت أن الفرنجي صار له عنده مكانة عظيمة. وأخيراً، بعد أن تركته يستنفد تخميناته، قلت له أن الطبيب الفرنجي لم يخفِ أنها تتكون من الزئبق. وبما أنه كان يخشى ألا يستطيع الإجابة عن سؤال الشاه حول الحبة ولذا كان يريد الحصول عليها حتماً، دس في يدي توماناً ذهبياً، فصرخت أنني لا أبيع حياتي، وسأموت إن لم أبتلع حبة الطبيب الفرنجي فأعطاني توماناً آخر.

ومتى صارت الحبة في يده نظر إليها بفضول وقلّبها وفحصها، وبدا عليه أن علمه بمكوناتها لم يصبح أكثر مما كان قبل أن يراها. ومتى وجد الأمير أن الحرب وشيكة كان يدعو قبائلنا لنقدم له فرساناً، وفرساننا مشهورون في أرجاء آسيا بشجاعتهم وبسالتهم في ساحات القتال. وعندما وجد الشاه أن الدواء أعطى تأثيره صرف المجلس وأمر الميرزا أحمق بمتابعة مفعول كل حبة بعناية وأن يعطيه تقريراً رسمياً عن الحادثة كلها، ثم انصرف إلى بيت حريمه. وعندما عرفت منه ما استطعت تركته وأنا أعبر له عن بالغ الاحترام والمحبة والتقدير والشكر ورجعت فوراً إلى الميرزا أحمق الذي كان بلا شك ينتظرني بفارغ الصبر. ثم أمر جلالته حكيم باشي بالتقدم منه وأعطاه العلبة وأمره بأن يطوف على جميع الموجودين ابتداءً من رئيس الوزراء ثم بباقي الرجال وفق رتبتهم ويعطي كل واحد منهم حبة. فلم أستلم خلال خدمتي عنده إلا قطعتي الذهب المذكورتين، وكان فضل ذلك لا يعود سوى إلى حيلتي، وأوحت الأيام التالية أن تانك القطعتين كانتا أول وآخر مال أقبضه منه. كان الطبيب قد عاد من البلاط بعد مقابلة الشاه، وكانت معاملة الشاه له في غاية اللطف، إذ لم يتركه واقفاً على قدميه حافياً عند حوض النافورة سوى ساعتين وليس ست ساعات كعادته. عندنا علم آبائنا، ونحن راضون عن التداوي بما تداووا، فما أشفى أسلافنا يشفينا، وما وصفه لقمان وابن سينا نصفه لمرضانا بعدهما.» ثم صرفني وشرع يفكر بخطط جديدة لتقويض ما بقي من الثقة والنفوذ عند الطبيب الجديد ولحماية منصبه وسمعته هو في البلاط.

وعندما رأيت أنه لا يخفي علمه سألته عن طبيعة هذا الدواء وخواصه وطرحت عليه أسئلة عن عمله بصورة عامة، وكان يجيبني بلا أدنى تحفظ، بخلاف أطبائنا الفرس الذين يكتفون بالتباهي بالكلام المفخم ويرجعون أي مرض إلى ما قرأوه في كتب جالينوس وأبقراط وابن سينا. وعندما التقى بي في المرة القادمة، وبعد أن عرّفني على القصة السابقة، لم يشأ أن يخفي فرحته، فقال لي: مدرب شخصي «لقد انتصرنا يا صديقي حاجي بابا! فرد الفرنجي: «لكي أحكم على وضع المريض لا يكفي أن أجس النبض، بل يجب كذلك أن أفحص اللسان.» فقلت: «النظر إلى اللسان لم يسمع به في فارس، وأنا واثق أنك لن ترى لسان أحد في بيت الحريم إلا بأمر خاص من الشاه نفسه، فالأحرى بالطواشي أن يقطع لسانه ولا يقبل مثل هذا العار! لا يجوز إصدار الحكم بالإعدام على أحد أسرى الحرب إلا بعد توجيه نظر المحكمة بصورة خاصة -وفقا للفقرة الثانية من المادة 87- إلى أن المتهم ليس من رعايا الدولة الحاجزة وهو لذلك غير ملزم بأي واجب للولاء لها، وأنه لم يقع تحت سلطتها إلا نتيجة لظروف خارجة عن إرادته. هجم الفرسان على والدي ليقبضوا عليه، ولكنه رمى أول واحد فأرداه قتيلاً وطعن فارساً آخر بسيفه، وكان صوت الطلقة وضجة المعمعة إشارة للمعتدين بالهجوم، وفي غضون لحظات دخلوا مخيمنا من كل قرنة، وكانوا يبحثون عن تلك الفرس إذ أول ما هاجموه كانت خيمة الحريم، وفيها استولوا على ما كانوا يطلبون.

لقد ظن الكافر أننا بلهاء، ولكننا سنلقنه درساً ليعرف قيمة الفرس. افترقنا وقد وعدنا بعضنا بأن نفعل كل ما بوسعنا للتصدي للطبيب الكافر. ثم رأى هؤلاء الأخوان أن يبثوا دعوتهم في أقطار الأرض فاتخذوا لهم أسطولاً يركبونه هم وحدهم وهم يتولون بأنفسهم جميع أموره وهو عبارة عن سفينتين ويخت وهذا الأسطول ساعد ستانفورد وأشياعه أن يطوفوا أهم بلاد الكرة الأرضية فبينا كنت تراهم في ليفربول إذا هم في فلسطين وكانت الصلوات تقام في غياب ستانفورد كما لو كان حاضراً يقيمها أكبر الجماعة سناً ويعتقدون بأن روح صاحب المذهب لا تفتأ تدبر أمرهم. فأجابني بأن أكون مطمئنا على حفظ حقوقي فشكرته وانسحبت لداري . فمع كل كلمة كنت ألفظها تظاهرت أنني أعاني من مغص فظيع، وأديت دوري بمهارة حرّكت في نفس الميرزا أحمق الخشنة شيئاً من الشفقة على حالي. حاول الميرزا أحمق أن يأخذ الحبة من يدي ولكني كنت أمسكها بقوة، وتظاهرت بأنني أنوي ابتلاعها للتفريج عن وجعي الذي لا يطاق كي يفهم أنني أريد المكافأة أولاً. فخطرها في تأثيرها كخطر الفرنجة في سياستهم: مدرب شخصي فما نعطيه نحن لتسميم المرء يزعمون هم أنه الدواء الشافي، فالمكون الأساسي لدوائهم هو الزئبق (وهنا رفعت الحبة وأريتها لهم)، ويستعملون الأدوات والأمواس حتى قيل عنهم أنهم يقطعون أوصال المرء لينقذوا حياته." ثم رسمت صورة مفزعة للتأثيرات المميتة التي تحملها وصفات الأجانب فوعدني الشاه أخيراً أنه لن يتناول دواءً إلا بعد أن يأخذ كل الاحتياطات التي تمليها عليه حصافته وحكمته.