Does This

ورغم أن هذا كان يتضارب مع مصلحتي التجارية، لأنهم كانوا يدخنون من تبوغي الفاخرة أكثر من باقي زبائني مجتمعين، إلا أن مجالستهم كانت ممتعة فلم أستطع الامتناع عنها. لو كان ميتاً لاستطعت أن أستخرج منه مكونات هامة للتعاويذ التي تساوي وزنها ذهباً في حريم الشاه. لو كان عندي صديقٌ ذو نفوذ ليوصي القاضي بقضيتي لكان عندي أمل أن أحصل على تعويض؛ أما رجل غريب بلا مال ولا صديق فلن يحصل على شيء، وقد يخسر بقايا ما كسبه من عرق جبينه. في الطريق بدأ الدرويش بيدين7 يسألني بدقة عن حياتي الماضية وبدا مسروراً بإنجازاتي؛ ثم شرع يصف لي ميزات عيش الدراويش وأثبت لي أنها أفضل من حرفة المهرج الدنئية، وفي النهاية أقنعني بامتهان حرفته، قائلاً أنني، لو اتخذته معلماً، سيعلمني ما يعرف، وأكد لي أن ذلك ليس بالقليل بما أنه يُعتبَر أكثر دراويش بلاد فارس كمالاً. وفي الصباح التالي، عندما كنت أودع أصدقائي السعادين والدببة وغيرهم من حيواناتنا، قال لي أبي: «يا صفر، يا ابني، إنني حزين لفراقنا.

عندما كنت أستعلم عن رحيل القوافل إلى طهران صادفت صديقي علي قاطر البغال الذي وصل تواً إلى مشهد وكان يساوم تاجراً على نقل بضاعته، وهي جلود الخراف من بخارى، إلى العاصمة. صادقه من أجلك واحببه كما أحببتني، وأتمنى لك أن تصل يوماً ما إلى المرتبة التي وصل إليها أبوك.» ثم وضع السعدان على كتفي، فتركت بيت والدي برفقته. » ثم اندفع الدم إلى وجهها وتوفقت عن المزاح وانهالت على ضحيتيها المشؤومتين باللعن والسب والشتم : vape «والفطور! فكرت أن أشكو الأذى الذي ألحقه بي غريمي وآخذه إلى القاضي، ولكن بعض من حولي قالوا أن ذلك لن يجدي لأن الشريعة الإسلامية ليس فيها حكم في رض الظهر؛ هناك حكمٌ أن العين بالعين والسن بالسن، ولا شيء عن الظهر. وأحاول ألا آكل ولا أشرب أي شيء لمسته يداها خوفاً من السم، وهي تعاملني بالمثل. ولكن أغلى السلع ثمناً في الأندرونات هو كوس كفتار، أي جلد أنثى الضبع المجفَّف، والذي، إذا لبسته حول جسمك، يستميل عواطف الجميع نحوك.

هذه الريح تهب دوماً مئة وعشرين يوماً في أيام الصيف، ولولاها لما تحمل السكان الحر الفظيع؛ ولكنني استطعت إقناعهم أنها معجزة صنعها الدرويش بيدين لهم ولأحفادهم حتى الأزل كي يعتبروا. اقترب موعد شعائر محرّم فقررت أن أجهِّز نفسي لدور السقاء الذي يحمل الماء في تمثيلية تقدَّم في آخر أيام ذكرى محرم. كان ينافسني في هذا الدور السقاء الذي أداه بنجاح في السنة الماضية، ولكن قربتي كان فيها من الماء أكثر مما يقوى على حمله، ولم أكن أخشى أن يتغلب عليه. توجهت نحو إصفهان في مزاج سيء، فلم أكن أعرف أأفرح أم أحزن لهذا التغير في حياتي. قال الدرويش صفر لي في إحدى الليالي التي دخن فيها أكثر من المعتاد: «يا حاجي بابا، أنت أكبر من أن تبقى بائع دخان طوال عمرك، فلم لا تصبح درويشاً مثلنا؟ وأخيراً أنزلت عبئي عن ظهري وحييت الناس الذين صفقوا لي ورموا إلي قطعاً نقدية صغيرة. وأخيراً وصلنا إلى هرات، فعوّضنا الله على فشلنا في كشمير بسذاجة الأفغان الذين كانوا يصدقون كل ما نقوله لهم. منذ وصولنا اعتزل الدوريش في كوخ صغير على رأس جبل قرب هرات، وقلنا للناس أنه لا يأكل إلا مما يأتيه به الجن والغول، ولكنه في الواقع مات من التخمة بعد أن أكل أكثر مما يستوعبه كرشه من اللحم والدهن.

بعد أن انتهى الدراويش من رواية قصصهم شكرتهم على هذه السير الشيقة والعبرة والنصائح وقررت أن أتعلم منهم ما استطعت لأصبح درويشاً في حال اضطررت إلى ترك مهنتي الحالية. لكنني كنت واثقاً أنه لن ينفذ تهديده خوفاً على سمعته، ولم أخش الاستدعاء إلى القاضي، وقررت الاستفادة من الظرف المؤاتي. كانت أرباحي تتوقف على مقدرتي على تمييز الناس، فأولئك من الطبقة المتوسطة كنت أعطيهم تبغاً نصف ممزوج، ولمن أدنى منهم مزيجاً ثلاثة أرباعه روث، أما الطبقة الدنيا فكانوا يحصلون على خليط يكاد يخلو من التبغ، وحالما أرى علامات الاستياء أستعمل كل مهارتي في مدح أنواع التبغ الموجودة عندي، فأعرض لهم عينات من أفضل ألوان التبغ وأتغنّى بنوعيتها الممتازة وأروي لهم قصة المزارع الذي أقتنيتها منها، ثم ألهيهم بقصة مسلية أحاول أن أطيل في روايتها حتى يأخذ الزبون نفسين أو ثلاثة. وصلنا إلى سمنان دون أن يطرأ شيء جدير بالذكر، إلا أن قبل وصولنا إليها بيومين كنت أساعد علي قاطر على تحميل أحد بغاله فرضضت ظهري في المكان نفسه. بعد أن قضيت يوماً في عذاب لا يوصف، وقد تورمت قدماي حتى صارتا كتلة من اللحم والدم، زارني أحد الدراويش الذي غامر بزيارتي، كما قال لي، ولم يأت قبل هذا الوقت لأنه خشي أن يمسكوا به بتهمة أنه شريكي في الجريمة. وجدت ما يكفي من الوقت خلال نقاهتي للتفكير في وضعي، فقررت أن أترك مشهد لأنني أيقنت أنني دخلتها في ساعة نحس؛ مرةً رضضت ظهري ثم تعرضت للفلقة.