مغامرات حاجي بابا الإصفهاني/النص الكامل

هكذا ندفع أجور خدم الشاه، هذه العصابة من الأوغاد الطمّاعين لا خجل عندهم ولا ضمير! وحالما بدأ الدلاك بتدليكي مدح بعرض صدري، وتصرفت كمن اعتاد على مثل هذا المديح ومثل هذه المعاملة، وأنا أفكر بالانطباع الذي تتركه الملابس الجديدة على الناظرين. لم يكن عندي أي ميل لمهنة الطبيب، وكنت أحتقر هذه الحرفة بعد ما سمعته عن الطب والأطباء من صاحب الدرويش صفر. ومن ثم، قام بعد بضعة دقائق وخرج من الغرفة، ثم دعيت لمقابلته في باحة منفصلة صغيرة محاطة بالجدران من كل جوانبها عدا الجدار الذي تطل عليه الخلوة، أي الغرفة الخاصة، التي كان الطبيب يجلس فيها. ولمن تريد شراءه، ومن سيدفع ثمنه؟ يبدو أن الشاه حكى له قصة شكاويه من الضعف ومن الربو وعسرة الهضم، وقصّ عليّ بابتهاج عن فطنة هذا الحقير وحدّة ذكائه، إذ أن هذا الكافر، ما أن نظر إلى لسان جلالته وجس نبضه، وقبل أن يعرف حالته، سأله إن كان يكثر اللجوء إلى الحمام الحار،13 وما إذا كان التدخين يحرض عنده نوبات سعال، وما إذا كان يكثر في طعامه من التوابل والحلوى ويحب أن يكون الرز طافياً في السمن. «إذن، يا حاجي، يجب ألا يتناول الشاه دواء الكافر، إذ لو صادف أن أحدث هذا الدواء فعلاً مفيداً سأهلك نهائياً؛ فمن سيراجع الميرزا أحمق بعد هذا؟

انصرف ولا تنس أنّ تسامحي معك مرهونٌ بتصرفاتك القادمة.» وهنا اندفع يوسف نحوه وهوى على ركبتيه وقبل حاشية ثوبه عاجزاً عن الكلام بعد هذا الحظ غير المتوقع. بدأ الدواء يعطي مفعوله تدريجياً، وظهر أول ما ظهر على أمين الخزينة، وهو رجل ضخم غليط بقي حتى تلك اللحظة يجلس بلا حركة ويكتفي بأن يقول «نعم، نعم» لكل كلمة يتفوه بها الشاه، إذ بدت عليه علامات الارتباك بعد أن أثار ما تناوله طيفاً من الشكاوى القديمة الهاجعة سابقاً. وعندما وجد الشاه أن الدواء أعطى تأثيره صرف المجلس وأمر الميرزا أحمق بمتابعة مفعول كل حبة بعناية وأن يعطيه تقريراً رسمياً عن الحادثة كلها، ثم انصرف إلى بيت حريمه. وبعد ثلاثة أيام دعي الميرزا أحمق مرة أخرى إلى قصر الشاه ليفحص العلاج الموعود، وكان علبة من الحبوب، وبالطبع، سعى إلى إثارة الشبهات والشكوك بنجاعتها وألقى بتلميحات قاتمة حول خطر تناول أي دواء من عميل قوى أجنبية، فحمل الشاه على اتخاذ القرار بإحالة القضية على مجلس الوزراء. لقد اكتشفت أن قلق الناظر من عودة سيده كان يعود إلى خوفه من انكشاف بعض المخالفات التي ارتكبها بحق أمواله، وكنت آمل أن آخذ منصبه يوماً، فأظهرت أعظم اهتمام بمصالح الشاعر وكشفت له كل ما كنت أعرفه عن آثام خادمه، ولكن جهودي لم تتكلل بالنجاح: فإما أن الشاعر كان يعرف قلوب الرجال أفضل مما توقعت، أو أن الناظر استطاع إقناعه ببراءته ويلقي الشبهات عليّ، لا أدري.

قبل أن أصبح نائباً، وعندما يستدعونني لضرب الفلقة لمذنب ما، كثيراً ما كان ينجح في إثارة الشفقة عليه في قلبي بوعوده أن يملأ كيسي بالنقود، وعندها كنت أرحم قدميه من الضرب فأوجه ضرباتي إلى الأرض قربهما. وبين هؤلاء، ممن أكثر عليه بالإطراء والتهاني، كان الميرزا فضل الذي سماه الشاه ليحل محل الشاعر في البلاط، والذي بقي يردد «مكانك بقي خالياً، والآن اكتحلت عيوننا» ما دام جالساً في القاعة. ثم سُمِعت ضجة كبيرة وانفتحت الأبواب وأعلن عن وصول مراسل من الشاه أمره بالمثول بين يدي جلالته، فانطلق وهو بملابس وحذاء السفر والغبار يغطي رأسه. ». فأمر الشاه رئيس حرسه بإحضار علبة الدواء من بيت الحريم فأحضرها وقدمها للشاه على صينية من ذهب. وعندما رأيت أنه لا يخفي علمه سألته عن طبيعة هذا الدواء وخواصه وطرحت عليه أسئلة عن عمله بصورة عامة، وكان يجيبني بلا أدنى تحفظ، بخلاف أطبائنا الفرس الذين يكتفون بالتباهي بالكلام المفخم ويرجعون أي مرض إلى ما قرأوه في كتب جالينوس وأبقراط وابن سينا. لم أر الدواء الذي أعطاه الطبيب الكافر إلى خادم جلالتك الوزير العظيم. ذقنه وشفته العليا لم يكن عليهما أثر للشعر ما يجعله أشبه ما يمكن بالطواشي، وكان حاسر الرأس بلا أدنى حياء، ويرتدي حذاءه في الغرفة دون أن يراعي السجاد الذي يطأ عليه، وكأن قدميه في طريق السفر ورأسه في الحمّام.

يمكن شراء منتجات ريب فيب عبر الإنترنت عن طريق زيارة موقعهم الرسمي واختيار المنتجات التي ترغب في شرائها وإضافتها إلى عربة التسوق، ثم ملء بيانات الدفع والشحن واختيار طريقة الدفع المناسبة لك. قطعنا خلال هذا الوقت مسافة ثم توقفنا. فلم أستلم خلال خدمتي عنده إلا قطعتي الذهب المذكورتين، وكان فضل ذلك لا يعود سوى إلى حيلتي، وأوحت الأيام التالية أن تانك القطعتين كانتا أول وآخر مال أقبضه منه. ناديت أحد الدلاكين ليطبق علي جميع العمليات من الفرك باليد ثم التدليك بالليفة كما طلبت منه أن يحلق رأسي ويحضر ما يلزم لصباغة لحيتي وشاربيّ وخصل شعري فضلاً عن راحة اليد وأخمص القدم، وأن يجهز أيضاً لنتف الشعر، أي أنني أعلنت نيتي بأن أرتب جسمي ترتيباً كاملاً. وقبل أن يمضوا عشرين خطوة رأوا فارساً، ثم فارساً ثانياً ثم عدداً من الفرسان الآخرين، فوجدوا أن مخيمنا محاصر من كل جوانبه. وعلى مبعدة من الشرفة، وعلى الجدار نفسه، تقع نوافذ جناح الحريم المتميزة بشبكاتها ووسائل الستر الأخرى. كان قلبي يدق ويكاد ينفجر، واندفعت نحو الجدار الذي يفصل بيننا لأقفز فوقه، إلا أنني توقفت عندما رأيتها تأخذ السلة وتجمع أوراق التبغ فيها وتعود مستعجلة؛ وقبل أن تختفي همست بصوت خافت: «تعال إلى هنا ليلة الغد! وهكذا كان بيت أسرتي، ذلك البيت الذي احتفلنا فيه بزفافي.